في البداية؛ يرى المؤلف بأنه يجب على المسلمين تنظيم جهادهم بمؤسسة تدير ذلك، كي لا يكون عشوائياً وفوضوياً، ثم قام بعدها بتقسيم “جهاد العدو الظاهر” إلى قسمين هما : جهاد الدفع، وجهاد الطلب.
١. جهاد الدفع ؛ وهو مقاومة الغزاة من العدو على أرض المسلمين، وهو فرض عين على كل رجل وامرأة على حد سواء بشروطه ؛ (١) أن يكون قادراً على حمل السلاح، (٢) وجود راحلة للسفر إذا لزم وجودها للمشاركة، (٣) نفي الحابس كالسجن مثلاً، (٤) والاستطاعة البدنية.
ويكون جهاد الدفع واجباً إذا ما استنفر إمام المسلمين، أو إذا هاجم الأرض عدو للمسلمين*، وإذا احتاج الجيش إلى خبرة معينة .. فهو فرض عين في هذه الحالات.
٢. جهاد الطلب ؛ هدفه توسيع أرض المسلمين أو تأمينها، وهو فرض كفاية للرجل، وتطوع للمرأة. وشروطه هي ؛ (١) الاستطاعة البدنية، (٢) استطاعة النفقة، (٣) وجود راحلة للسفر.
ويوضح المؤلف في هذا الباب بأن تقسيمات الأراضي وحدودها لم تُوجد قديماً، فلزم عسكرياً الهجوم على الأعداء المحيطين بالدولة حتى لا يهجموا عليها، فشرّع العلماء لجهاد الطلب غزوتين شتوية وصيفية كأقل تقدير، فلم تكون حدود الدولة (الثغور) آمنة، وكانت معرضة للهجوم في أي وقت وبلا أي مناسبة، ولهذا كان من طبيعة الحال أن تكثر المناوشات والمعارك هناك.
فيرى المؤلف لذلك بحصر هذا القسم من الجهاد في تكوين الجيوش التي ترسم للدولة هيبتها أمام أعداءها، لانتفاء العلة من بقية أشكال هذا القسم. ويرى بأنه من الواجب تكوين جيش قوي يدافع عن أرضه متى ما هجم عليها عدو، ويؤكد على وجوب الإعداد لذلك بقوة. كما كان رأيه في الأسلحة النووية بأنها واجب امتلاكها، محرم استخدامها ؛ لما في ذلك من مخالفة لأخلاقيات القتال في الإسلام.
أما أخلاقيات القتال في الإسلام فهي :
١. تحريم العدوان ؛ فإن الله لا يحب المعتدين.
٢. حصر المقاتلة على المقاتلين ؛ فلا يُقاتل إلا حامل للسلاح.
٣. تحريم المثلة ؛ وهي تشويه الجثة بعد قتلها.
٤. تحريم الغدر.
٥. تحريم الإفساد ؛ فلا يجوز اقتلاع شجرة أو هدم حائط ..إلخ.
٦. تحريم النهب ؛ فلم يكن الجهاد لأهداف مادية، ولم يكن للسرقة أو للنهب.
وكان المؤلف يستدل بشكل رئيسي في هذا الباب بوصية أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- للجيوش الإسلامية : “إني موصيكم بعشر فاحفظوهن؛ لا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا صبياً صغيراً، ولا امرأة. ولا تهدموا بيتاً ولا بيعة، ولا تقطعوا شجراً مثمراً، ولا تعقروا بهيمة إلا لأكل، ولا تحرقوا نخلاً ولا تغرقوه، ولا تعصوا، ولا تجبنوا”.
*****
• نقاط واقتباسات مهمة ومتفرقة :
١. “إن حياة الإنسان – مسلماً أو غير مسلم – واجبة الاحترام في شريعة الإسلام”.
٢. “من دخل أرض العدو بأمان لم يحل له أن يخونهم في مالهم لأن خيانتهم محرمة”.
٣. الغاية لا تبرر الوسيلة أبداً، حتى في الحروب ؛ فالإسلام يشترط صحة الغاية والوسيلة معاً، والله طيب لا يقبل إلا طيباً.
٤. الإسلام ذو أربعة شعب ؛ عقيدة وعبادة وأخلاق وشريعة، فأما العقيدة والعبادة فلا يفرضهما الإسلام على أحد لأنها جوهر الدين، ولا إكراه في الدين. (باعتبار أن الشريعة هي القانون الذي ينظم الناس)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) : إذا ما هاجم العدوأرض المسلمين فتهاون أهل الأرض في دفاعهم عنها ينتقل وجوب الدفاع عن الأرض إلى من يجاورهم من المسلمين، الأقرب فالأقرب حتى يعم الكل إن تهاونوا كلهم.