قرأت مرة عن ظالم سأل الإمام سفيان الثوري عن حكم جانبي في أفضلية الصلاة للرجل بالصف الأول، فأجابه الإمام : “انظر ما يدخل جوفك، ثم لا تبالي إن صليت بالصف الأخير“.
قادتني مخيلتي بهذه المقولة إلى كثير من المواقف والذكريات، والأحداث التي رأيتها مؤخراً بأيامي.
تذكرت بائعاً غشني يوماً ما، رغم اغتراري بانتشار الملصقات الدينية على جدران محله التجاري، رغم انتشار الآيات والأدعية والأحاديث النبوية. أذكرني لمحت مصحفاً ركنه البائع على طرف طاولته، فسألت المصحف عما يراه من أذىً للعامة، سألته عن لحظات الظلم الصعبة التي يشهدها، فأجابني بأنهم أناس لم يعرفوا كيف يقرؤوه.
تذكرت أباً لم يعنف ابنه الذي كان يضرب عاملاً أمام ناظريه ويكرر على مسامعه كثيراً من العبارات البذيئة، أذكر نظرة العامل التي تلوم الأب لأنه لم يكف عنه أذى ابنه ولم ينهه. تساءلت يومها إن كان لقن ابنه شيئاً عن الكرامة الإنسانية، أو إن أسمعه بأن “المسلم من سلم الناس من لسانه ويده” ؟
تذكرت حاكماً عربياً يتفاخر تارة بطاعته للمولى تبارك وتعالى، وتجده تارة يسلب الشعب حقوقهم في مشاهد دموية، أو يطلق عليهم أحكاماً تعسفية تسلبهم حريتهم بشيء من العشوائية.
تذكرت أماً باكية فقيدها، وطفلة تصرخ من مظلمتها، تذكرت الابن يبكي الحبيس أباه، تذكرت الشهقات، التنهيدات، والأرض التي تبللها الدموع.
تألمت لما أرى من تهميش وتسخيف لحقوق الناس عامة على أيد المربين، تألمت بشدة لما رأيت من تعظيم لهذه الحقوق إذا ما ارتبطت ببعض (المختارين) .. خصوصاً إذا ما انتسبت هذه الانتقائية إلى بعض من ينسبون أنفسهم لدينٍ أو لفضيلة.
تذكرت .. تذكرت جدتي توصيني ؛ لأن الله أكرمك من فوق سبع سماوات بمنزلتك، فلا تسمح لشخص بأن يجعلك دونها !
{ولقد كرمنا بني آدم …} [سورة الإسراء]