نظرة أخيرة على المنزل

قياسي

كانت حال أسرته الفقيرة دافعه في مبادرته لتوسيع دائرة البحث عن لقمة العيش, لن ينسى ابتسامة أبيه المترددة, وارتماءت أخته الصغرى في حضنه متأسفة, أو تبريكات أمه ودعواتها .. والنظرة الأخيرة على منزله الذي بدأ بالتلاشي من عينيه شيئاً فشيئاً, وهو يبتعد أكثر وأكثر.

قد يرى أحدنا نفسه في موقف مشابه لما أقصّ هنا, فقد كثُرت بيننا اغتراباتنا ذات الألوان الأكاديمية غالباً, قد نعتقد بتفهمنا لمشاعر الاغتراب والمتغربين .. ويعتقد البعض من حولينا بسخافة مشاعرنا الاغترابية.

صعب جداً .. أن تعيش مثقلاً بآمال من تحب, أن تملأ نفسك بهواجس الفشل وتخيلات لحظاتها, أن تكون تحركاتك القادمة منبع أمل للمقربين من قلبك .. والكثير من المشاعر الصعبة التي قد يكون من السخف محاولتي لوصفها أو تخيلها, لأنني -ولله الحمد- لم أعشها يوماً ولم أقس صعوبتها.

 

لننظر إليهم بنظرات أكثر إنسانية مما نفعل حالياً, لنقطع مشاعر الامتهان والاحتقار .. بضحكة وابتسامة وبصناعتنا للذكريات السعيدة بيننا, ولنسعى لتقليص الفراغات التي صنعتها غربتهم بدواخلهم .. ولننظر للعمالة من حولنا بشكل أفضل مما ننظر حالياً ..!

مقالة قديمة كتبتها بتاريخ 15 ذو الحجة 1432هـ

حصيلتي من معرض الكتاب الدولي بالرياض 2012

قياسي

 

  • يوسف القرضاوي : الحق والناس
  • محمد حامد الأحمري : ملامح المستقبل
  • محمد حامد الأحمري : الديموقراطية
  • غوستاف لوبون : سيكلوجية الجماهير
  • غوستاف لوبون : حضارة العرب
  • مالك بن نبي : مجالس دمشق
  • علي حرب : خطاب الهوية
  • علي حرب : حديث النهايات
  • علي حرب : الحب والفناء
  • علي حرب : تواطؤ الأضداد
  • عبدالوهاب المسيري : الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
  • برهان غليون : اغتيال العقل
  • عبدالحليم أبوشقة : نقد العقل المسلم
  • عبدالكريم بكار : المشروع الحضاري نحو فهم جديد للواقع
  • علي عزت بيجوفيتش : مذكرات
  • عبدالرحمن بن خلدون : مقدمة ابن خلدون
  • غاستون بوتول : ابن خلدون وفلسفته الاجتماعية
  • مصطفى محمود : القرآن
  • جلال أمين : مصر والمصريون في عهد مبارك
  • جلال أمين : ماذا علمتني الحياة
  • جلال أمين : مصر في عهد الجماهير الغفيرة
  • فهمي جدعان : أسس التقدم عند مفكري الإسلام
  • سيرجيد هونكه : شمس الله تشرق على الغرب
  • عباس العقاد : الفلسفة القرآنية
  • عباس العقاد : الإنسان في القرآن
  • عباس العقاد : المرأة في القرآن
  • عباس العقاد : عبدالرحمن الكواكبي
  • محمد نجاتي : الحديث النبوي وعلم النفس

كن إنساناً

قياسي

كثيرٌ من القصص والحكايات التي نحفظها لم نكن طرفاً فيها, لكنها في الوقت ذاته تشكل محوراً مهماً في حياتنا, ونبني عليها جُل حياتنا أو كلها أحياناً أخرى. وقد لا تملك دليلاً لإثبات قصتك سوى إيمانك بساردها وراويها, تصديقاً له حباً فيه.

من هذه القصص في حياتي ؛ حكاية تقسيم الله – سبحانه وتعالى – للمسؤوليات بين ملائكته ؛ فهذا خازن للجنة, وذاك مالك النار, وهناك أمين على الجبال وآخر للبحار .. إلخ, وصرح لهم بأنه جاعلٌ في الأرض خليفة, وأمرهم لذلك بالسجود له, معلناً تسخير كل مالديهم ليدي ذلك الخليفة كما أفهم.

المعادلة كما أراها باختصار ؛ هي أن الإنسان مسؤول عن كل الأرض ؛ تعميرها وبناءها, ونشر كل المعاني السامية فيها من حريةٍ وعملٍ وعدلٍ وحبٍ وما إلى ذلك من قيمٍ ومعانٍ.

وهذه هي قيمتك كإنسان كما أراها, كما أرى الكل يراك بها أيضاً, منتظرين منك نظرتك لنفسك بطريقة أفضل.

أنتظر منك أن تجعل لنظرة الكل وانتظارهم قيمةً ومعنىً, أن تعرف بدايةً ماذا وأين ستكون, أن تجد أجوبتك على أسئلتك الكبرى حولك أولاً .. وأنتظر منك ألا تنتظر غيرك, أنت المعني بصاحب التغيير, وأنت الوحيد الذي يمكنه الجواب على استفهاماتك.

تذكر بأن كل ما حولك ينتظر منك مساعدته بتحديد موقفك, وتذكر بأنك تقتل كل الأحلام المنتشرة حولك إن لم يكن في حياتك أهدافاً تسعى لتحقيقها .. أتصورهم جميعاً ينادوك برجاء ؛ أن كن إنساناً !

مقالة قديمة كتبتها بتاريخ 27 شوال 1432هـ

غرفة الألعاب , في زيارة

قياسي

 

نظراتنا الميتة هي تلك التي جفت بها منابع الأمل, تلك التي لم تعد تؤمن بمستقبلها وإشراقته !

 

كان طفلاً عادياً, يتابع ذات البرامج التلفزيونية التي يتابعها أي طفلٍ آخر, يحب تلك السكريات التي يتناولها الجميع بنهم, يكره تلك اللحظات التي يضطر فيها لبعض الراحة من لعبه, وكثيراً ما كان يعود سريعاً إلى ركضه المرح.

كان طفلاً عادياً بمعنى الكلمة ؛ إلا أن البشر من حوله أفقدوه تلك الروح الطفولية التي يشعر إليها بالانتماء, سرقوا منه روحه الطفولية وضحكاته التي يراها وكأنها أحد واجباته كطفل ليدع جدران المكان ترددها من بعده في سرور. نعم لم يكن طفلاً بأعين الجميع, خصوصاً من اعتاد منهم متابعة تلك المؤشرات الصحية وآثارها المخطوطة بشيء من العجلة, أولئك الذين يتابعون شعراته المتساقطة بشيء من الحزن أو الشفقة.

 

خلف اسمها المرح تختبئ “غرفة الألعاب” في سوداوية الأحزان, فذابت من جدرانها ألوانها المبهجة, واختفت عن تلك الدمى روحها التي تجعلها مصدراً للابتسامة, وحلت مكانها روح باردة غريبة, روحٌ تحركها زفرات الضيق التي يكتمها كل بغرفة الألعاب .. من قسم الأورام السرطانية بأحد المستشفيات هنا.

ووسط تلك الظلمات والمشاعر السوداوية ؛ تشع أضواء من الأمل والحب والجمال, أضواء لها أهدافها الحياتية وتطلعاتها المستقبلية الخاصة, لها قصصها النقية المتشبعة بالصدق والابتسامة, أضواء تشع عن طفولة بريئة .. لا تكترث بشدةٍ لذلك الورم الخبيث !

 

وهذه الحقيقة التي أرجو تبنيها, صحيح بأن لهم حالاتهم الطبية الخاصة والتي تستدعي بدورها اهتماماً طبياً خاصاً, إلا أنني أرجو بألا يطغى هذا الجانب على غيره من جوانب الطفل المختلفة الأخرى.

لا تمحوروا حياة الطفل على دوره كمصاب بأحد الأمراض, لا تسلبوا منه بقيته .. حدثوه عن بعض القصص الجميلة, واسمعوا منه اهتماماته البسيطة والرائعة. لا تقتلوه وهو بينكم, وأحيوا منه طفولته فيكم, لا تقتلوا نظراتكم إليه, فنظراتهم لأنفسهم ما زالت تنبض بالحياة .. تشربت معاني الحب قديماً, ففاضت علينا منها أملاً !