عن عائشة رضي الله عنها أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ أَصْوَاتًا ، فَقَالَ : ” مَا هَذِهِ الأَصْوَاتُ ؟ ” ، قَالُوا : النَّخْلُ يَأْبِرُونَهُ ، فَقَالَ : ” لَوْ لَمْ يَفْعَلُوا لَصَلُحَ ذَلِكَ ” ، فَأَمْسَكُوا ، فَلَمْ يَأْبِرُوا عَامَّتَهُ ، فَصَارَ شِيصًا ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : ” كَانَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ فَشَأْنُكُمْ ، وَكَانَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ دِينِكُمْ فَإِلَيَّ ” ، و في لفظ مسلم :” فَقَالَ : مَا لِنَخْلِكُمْ ، قَالُوا : قُلْتَ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ : أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ ”
شخصياً ؛ أقرأ في هذه القصة تصريحاً منه صلى الله عليه وسلم بأنه حتى أكمل البشر ليس قدوة مطلقة. فالرسول صلى الله عليه وسلم قدوة ؛ بأخلاقه، بأفعاله ذوات الصلات الدينية، وفي تعاملاته وقيادته ..إلخ. ولكنه لم يجعل نفسه قدوة لمجال لم يجعله اهتماماً بأحد الأيام، كالزراعة مثلاً أو الحدادة !
كلنا نعلم بأن البشر أجمعين معرضين للخطأ، وللنسيان، أو للقيام بتصرف ليس بمكانه أحياناً .. فالبشر أولاً وأخيراً ليسوا معصومين من ذلك أبداً ؛ ولهذا فأنا لا أؤمن بالقدوات المطلقة أبداً.
شخصياً ؛ أعتقد بأن البشر أجمعين لم يكونوا أبداً للاقتداء والمماثلة، أؤمن بأنها المبادئ والأفكار هي التي يجب أن نتمسك بها ونمثلها. أما البشر فقد يكونوا في موقف ما انعكاساً لما نؤمن، إلا أن هذا لا يجعلهم مكاناً للاقتداء في غير ذلك الموقف.
القدوة بالنسبة لي ؛ ليس إلا رجل أحب أن أصل إلى أحد أفعاله التي تتقاطع مع طريقي، أو تجعلني أصل لأهدافي بشكل أسرع .. وليس في عالمي من قدوة أسعى لأن أكون عنه نسخة كربونية !