سرب

قياسي

200501491


لنا قصة في سربنا، نحييها بالنغم، عن صغيرنا الذي مضى، ولم يكن له كفن.
لنا غنوة في صدرنا، ندميها بالندم، عن أوجاعنا المتخثرة، عن الظلم والألم.
صاحت أجنحتنا الجريحة:
“كل أرض ولها ميلادها
كل فجر وله موعد ثائر”
كل سماء ولها أكفانها
كل ليل وله منغم خائر

هي ثورة، وهي انتفاضة، هي كلمة (لا) هوجاء منقوشة على الحجر.
هي نارٌ، ألف إعصارٍ في وجه النسر الذي حرمنا حقنا في القمر.
حمراء، بدماءِ أجنحتنا البريئات.
بيضاء، بوفاءِ رفرفاتنا الجريئات.
سوداء، كالغيم، كالرّعود، كألوان اليأس والقيود.
هي الثورة، هو حدادٌ ينتفض عن تراتيل الأحزان.
هو التمرد، مستبدلًا  كحل العين برماد البركان.

“كل أرض ولها ميلادها
كل فجر وله موعد ثائر”
كل سماء ولها أكفانها
كل ليل وله منغم خائر

ظلت جموعنا تهتف متمردة، فهذه السماء لنا، هذه الأرصفة لنا، وحواف الأسقف منا.
باسم ريشاتنا الناقصات، باسم أرواحنا الثمينات، وباسم الشعر والقصيد، والهديل والمغنى.
حمراء، كالسجن صولجان الضيم.
بيضاء، كالحُرُّ حواريُّ الغيم.
سوداء، كالنسيان، كالكلِم، كالموت، واحتضار الفهم.
لابد لهذا الليل من شمعة تحييه، تطلع بها النجوم، ويتورد القمر.
لابد لهذا الظلم من نضال يمحيه، نزفه ألحانًا، يعود بها السمر.

“كل أرض ولها ميلادها
كل فجر وله موعد ثائر”
كل سماء ولها أكفانها
كل ليل وله منغم خائر

هديلنا هدير، نسيمنا صليل، والسلام تمجِّده فضيلة قتل واحدة، ليست بجريمة.
فاليوم للثورة، يومٌ نقتنص فيه خروجًا من هذا الكهف، نمحي به عن سمائنا كل معاني الخوف.
واليوم للانتفاضة، سنفقئ مقلتي جالوت، ونعمُر على الأرض ألف أقحوانة لا تموت.
هاهي جموعنا تهيج، وتهتف متمردة، هذه السماء لنا، هذه الأرصفة لنا، وحواف الأسقف منا.
باسم أيامنا الناقمات، باسم قلوبنا الهائجات، وباسم الشعر والقصيد، والهديل والمغنى.

ابتدأ يوم الغضب، وغابت الشمس والقمر، وانتهت خمسة أعوام دون نصر، دون أن ينطفئ منا الجمر.
فلا هي تراقصت ظلالنا، ولا طار سربنا، ولا أنِسَت نجومنا، ولا جاء النسر.