كزهرةٍ ذابلة بين عشبتين ووسط حجر، رسم الندم على وجهها شحوبًا فاتنًا، وكتب على عنقها طأطأة وانحناءة للظهر، لما أيقظها بنَداه من حلمٍ تتذكر فيه فرصة الخلود !
كل حضارات الأرض تُولد في قلب امرأة، بين الفناء والخلود قُبلة، وكلمات تشبه “أحبكِ”. لذلك تلألأت أضواء مدينتكِ، بجنونها وصخبها وأعينها التي ترفض استسلامات الناعسين. كل أرصفة الشوارع تضحك باسمك، ولم تختلط أنجم سمائها إلا قصد ابتسامة شفتيك وأمنية، ومن صدرك نفحة أمل.
وعلى أوراق أديبٍ يخط بقهوته المُرّة كلمات، كلماتي تنهيدات، للطيور سماؤها، وللأعين دمعاتها، وأنا لي قلمي والذكريات. إلى أين الهروب منكِ، وأنا أرسمكِ في كل مكان وأرى من خلالك ؟ كيف الحياة في غيرك، قد صرتِ لي وطنًا ولكل أمنياتي ؟ من بين يديك وُلدت مرة أخرى، وبكِ أعدت تعريف العالم من جديد.
بين أسطر روايتي أجدكِ منبعًا للفضيلة، والبشر فوق خشبة كوكبهم يحاكونك. تحت ألوان لوحاتي أخفيت عن العالمين أنك إكسير الأنوثة، وابتسمت بحبثٍ وأنانيةٍ لمّا تناقلوا أقاصيصًا يسمعونها عنك. وكتبت عند مداخل عواصم الشرقيين اسمي واسمك، وأسررت لورقات الشجر أن الليل أنا، وأنكِ كل معانيه ؛ في ظلامي أنت القمر الخفيف، والنجوم اللامعة أيضًا على كحلي وحول عينيّ، وما نسمة العاشقين عند النهر إلا ضحكة منكِ.
لم تنطق موسيقى أوتاري لغيركِ، ولم تختلط أوراقي بفرشاتي إلا لكِ، أحببت منكِ كل شيء، وعشقت بعينيك كل ما حولك. قرأت الأشعار باحثًا عنك، ونظمت قوافيها لأخلق جملة تليق بكِ. وأسررتك بين جنبيّ أسطورة شرقية، وحكاية حبي الأول، وعشقي الأخير.
إعلاني إياكِ حبًا يغدو مُلِحًا في غربتي عنكِ، جبانًا تحت ناظريك، لوامًا عند الفراق. كم أكره تلك الكلمات التي لم أقلها وتفهمها عينيكِ، كما أكره تلك اللحظات التي تبرد فيها حنجرتي ويجمد صوتي عند كلمة “أحبكِ أنتِ”.
بيني وبينك كلمة هيامٍ أولى، ومشاعرٌ -كلما هممت ببوح بها- تتشيطن هواجسي وشكوكي باحتمالية رفضٍ منكِ، أو تجهّم يكتسبه وجهك ولو لحظة بسببي.
بين خطوة تبعدني عنكِ، وأخريات تفصلني عن قطارٍ صائحٍ مؤذنًا بالرحيل، دفعتني هواجسي لأن أسوق الخطوات الثقيلات والتي أخذتني بدورها بعيدًا عنكِ، وحبست ألف ألف آهٍ ودمعة من انفجار قريب، وتصنعتُ بكذبٍ ابتسامة. صباح كهذا كان جدًيرا بي وبك، بنظرتي الممتنة لكِ، وابتسامتك المطمئنة لي، وكلمتي العريقة التي أخطها بكل أناقة بين عينيكِ، أني أحبكِ.
في صدري -اليوم- تتساقط أوراق الماضي والحاضر، لا حياة لمستقبل لا يختلط بمستقبلك. في قلبي أسوارٌ بغدادية تتهاوى، ودمشق الشامية تحترق بكل بساتينها، كل أغاني الحجاز سكتت، وحضارات مصر العظيمة تتفجر لومًا وحسرة، واستعطافًا للقدَر أن يرسم لنا لقاءً بصباح لا يهترئ، لقاء أهدي فيه للأقدار ابتسامة، وأرسم بيني وبينك سعادة.
أقلامي تموت منتحرة الواحدة تلو الأخرى، كنت أريد تأليف عبارة حب تليق بكِ.
أوتاري تتفتت كلما لحّنت لها أغنية تطمئن عينيكِ في طول انتظارهما.
حتى فرشاتي فقدت لمستها الفنية، لمًا أردت رسم لوحة تخبركِ أنكِ عندي كل شيء.
سألتك بالذي أودع في أسرار الجمال كاملة، أن هزي غصن الزمان، علها تُساقِط علينا لحظات وِصال، يُولد من رحمها ملاك وأديب. فلأقاصيص العرب خلود تستشفه من ضحكة شفتيكِ وابتسامة رضى من عينيّ، تخطهما اعترافات عاشقين.
صديقان، فسيري بقربي نكتب للعالم حبًا وحياة.
عشيقان، كلما سَهِر القمر، وغنى العود بكلمات الغزل.
أرِيديني في عسليتيكِ، ودليني طريقًا يأخذني من عدمي هذا إلى الخلود، علميني كلمة حب، تأخذني إلى الأبدية معكِ.