حلم

قياسي
Surreal-Loneliness-Scene-in-Photoshop

في البدء كانت الابتسامة، من شفتيكِ أنتِ. ثم ازدانت الأرض مروجًا وأشجارًا، وآلهة وكلمة.

في البدء كنتِ أنتِ، جميلة متأنقة كما عهدتكِ، مثلما أراكِ، في الغفو وفي الصحو، بين التل والنجمة.
كانت السماء مُعسرة، تتكدس على أبوابها رجاءات إنسٍ يائسة، وأمانٍ، وصدىً لأمٍ غجرية.
كانت الأكف مبسوطة، لم تعرف ماهيّة أن تقبض، أو تدفن كنزًا في شقوق الراحة المنسيّة.
كانت الشمس حاكمةٌ، آمرةٌ وناهية، تستبد عن إرادة بحياتنا، تتساخر كِبرًا بأمنيتنا، تهدد بالظمأ كيفما شاءت، وتهبنا شيئًا من كرامتنا متى شاءت.
كانت لمدينتنا شواطئ رحمة لامعة. كان الموج يسمعنا، يحادثنا بأغنياتٍ وأحجياتِ عجوزٍ سارحة. تضحي الشمس بقربها أضحوكة، ومتعة بشر ترفيّة.
كانت الليالي مقمرة، وكنت يافعًا تسكنني أسطورة أن السعادة لا يحوزها من لا يحصي النجمات الفضيّة.

أحلمُ بصبيٍّ يقطف وردة لصديقةٍ من أنقاض حربٍ وحشية. 

أحلم بصبيٍّ، يطبعُ قُبلته على الحجر، والمطر، وعلى أناملها العاجية.
حالمًا، يشدني طيفكِ إلى زهو السهو، وحكايات بدايات الكون وبدء المعنى، أشجانًا، ألحانًا، ومغنى.
حالمًا، تكبني الأشواق إلى صدغينكِ، قُبلةً وقِبلةً، نطرد الأحزان، عند وقع البُعادِ، واستحالة المدنى.
فالعين لؤلؤة، والقلب خمارة، تعتصر حنو القمر على البحر والمرجان.
والجفن ليلكة، من أرض زهر، منبت عِنب ورمّان.
سرابية، محالة العهد بالخطو، عصيّة الوصل كالغيم، للأسف.
وتقلُّب أبراج سماوية عن مدارها، والبصر إذا عن بهاؤك انحرف.
أيا زلاليّة الخطوات، ما حيلة المشتاق إلى عبيركِ فائحًا وردة بين ثنايا القميص وعلى الجبين؟
أيا بُياتيّة الأنفاس، حجازية الطرَفات، ألا حنانًا يبدد وحشة كفّينٍ جامدتين!
أن أكون وحيدًا حيث ارتوت الطرقات من أمطارك، فهذا معنىً للوجع.
ألا أشفى من حنين معتّق، نضب اصطبارًا عند بابكِ، فهذا معنىً آخر للوجع.

أحلمٌ بصبيٍّ يسرح هنيّة في أحاديث صديقةٍ، بضواحي وطنٍ مزويّة.

أحلمُ بصبيٍّ، يلثم ثغر طيفٍ، ونسمة صيفٍ، وأحاديث حبٍّ رمزية.
أن أكون حِدادًا في جموع المحتفين فهذا معنىً للوحشة.
ألا تستوعبك أيامي، فينقًا وفتنةً فهذا معنىً آخر للوحشة.
كان بالمسرحية مشتاق، لاحقته جيوش المارد إلى شطآن الحدود.
فضرب البحر بعصاه فانفجرَت، وبقي البحر الجلمود.
لم تتحين الليالي تجليات أقمار، فكنت بذكرى أغنياتك أترنم.
لم تتبدل السماوات طوعًا لشاعر، فكنت بأحلام لقياك أتكلم.

أحلمُ بالقهوة تنتظركِ، والبصر يختزلكِ، والخصر تبتغي أذرعًا تحتضنكِ.

أحلم بشعركِ الليلي، وعقدكِ القرمزي، ووجنتا أخيلٍ تتورد تخجلكِ.
أيا سليلة الأمواج، ثوري، نتوارى في كهفكِ المنشود عند النهر والقناة.
أيا سريرة الأشعار، قومي، ننحت بالجدران أن بفضائكِ كل ما يستحق الحياة.
سألتكِ بالذي أودع فيكِ سر الأكوان كاملةً، أن راقصيني على النار، نبعث من الرقاد أسطورة ولَه منسية.
سألتك بالذي كلّم جراح عاشق نائمة، أن شدي إليكِ حبل الوصال، تتفجر الشمس، وتتساقط الغيوم تذيب أثر حرب وحشية.