خاطرة مبعثرة (٠٧) ؛ عرِّف بنفسك

قياسي
قرأت مرة كلمة للدكتور فيليب ماكجرو يقول فيها بأنه يستغرب من تعريف الناس لأنفسهم بوظائفهم، ويعتقد بأن هذا يدل على عدم معرفتهم بأنفسهم. يقول بأن الكل يذكر وظيفته مباشرة تمامًا بعد ذكره لاسمه، وكأن وظائفنا المجتمعية أضحت جزءًا مهمًا لا يتجزأ من ذواتنا.
فعليًا ؛ فكرت كثيرًا في تعريفي لنفسي، وكلمة الدكتور ماكجرو السابق ذكرها جعلتني أتجنب تعريف نفسي بأنني طالب هندسة صناعية، وأحيانًا عدم ذكر ذلك. وبحكم أنني لا أعتقد بأنه من اللائق تعريفنا أنفسنا بما لم يكن لنا فيه اختيار، كالعرق واللون والحالة الاجتماعية، فقناعتي هذه زادت بأن جعلتني أتجنب أيضًا مزيدًا من تفاصيل حياتي الشخصية في تعريفي لنفسي.
أذكر بأنني في قراءتي لرواية خوزيه ساراماغو (قصة حصار لشبونة) بأنه قال بلسان الشخصية الرئيسية أنه يكره أن يناديه الناس باسمه الأخير، لأنه لا يعني له الكثير، وإنما اسمه الأول هو الذي يمثله وينطق بلسانه غالبًا. وأعتقد بأن فكرته أعجبتني لدرجة أصبحت مقلقة لتعريفي نفسي، فقد سلبت مني حتى اسمي الأخير الذي لا أعرف عنه وعن تفاصيله وتاريخه الكثير، ولم أهتم به كثيرًا أصلًا.
في أحد المرات كنت أتحدث مع أحد الأصدقاء عن عجز الكلمة في وصفها للمشاعر والمعنى، فأجابني بأن كلامي يبدو غريبًا خاصة وأنه ناتج عن “كاتب”. في يومٍ آخر وجدت أحدهم يقدمني لآخر بأنني “مدوّن وكاتب مقالات”. وقبل أيامٍ استوقفني شخص عرفّني بأنني “أديب مستقبلي” وصديق آخر قام بتعريفي متهكمًا مرة بأنني “أديب يتنكر بشكل مفكر”. كل هذه التعريفات وإن بدت قريبة مني للحظة فإنها تبدو ظالمة أوقات كثيرة، لا لعدم اقتناعي بما أفعل، وإنما لأنني لا أعتقد بجواز تعريف الآخرين بحسب أعمالهم، فأعمالنا وأفكارنا هي مجرد لحظات تابعة لفترتها الزمنية قد لا تمثلنا في تاريخ آخر، وقد لا تبدو حتى منطقية بالشكل الذي فهمناه للآخرين الذين لم يعرفوا كامل التفاصيل، فضلًا عن أفعالنا اليومية وأفكارنا قد تختلف بشكل جذري في ليلة وضحاها.
لا أعرف فعليًا ماذا تبقى لنا لنعرّف أنفسنا، ولكن يبدو لي بأنني سأطالب الجميع بعدم تعريفهم لي، وعدم سؤالي عن تعريفي لنفسي. وحتى أصل إلى جواب مقنع أعتقد بأنني سأعرف نفسي كل لحظة بتعريف مختلف، تنقشه أفكاري ومزاجاتي اللحظية .. مالم أنسل من مطالبة تعريف نفسي للآخرين.

رأيان حول “خاطرة مبعثرة (٠٧) ؛ عرِّف بنفسك

  1. كان هذا السؤال هو ما حيرني قبل البدء تصميم شعار شخصي ..
    كان هذا السؤال هو الذي استوقفني .. أنا إبراهيم أولاً وآخراً ..

    مصمم ؟! معماري بيئة ؟! مفكر ؟! فيلسوف ؟! قارئ ؟! إنسان مجنون ؟! رحاله ؟!

    مجموعة التعريفات التي سمعتها ..
    لكن فعليا .. لا أشعر بانني شيء من هذا كله ..
    عندما أنظر في داخلي وأتلمس قلبي ..
    أنا .. أنا عالمٌ آخر ..
    إنا إنسان .. أنا بحر .. أنا ماء !
    أنا جزءٌ من السماء .. من الفضاء .. أنا أحمل الكون في داخلي ..
    أنا كتلة مشاعر وأفكار .. أنا شخصية محبة، طيبة ومسالمة ..

    كنت أسمي نفسي أحياناً ماء .. وأحياناً بحر .. وقليلا كنت أقول .. أنا نورس !

    باولو كويلو في كتاب الجبل الخامس ..
    بعد أن دمر الآشوريين مدينة “أكبر” أراد النبي إيليا أن يعيد بنائها .. فجمع من تبقى من سكان المدينة .. العجاز والأرامل واليتامى .. الذي اعتقدوا بعدم امكانية فعل ذلك .. قال لهم ..

    تحل المآسي. يمكن اكتشاف أسبابها ويمكننا أيضاً أن نلقي اللوم على الآخرين، أو أن نتخيل كم ستكون حياتنا مختلفه لولا حصولها. لكن لا أهمية لذلك كله. حصلت الكارثة وكفى، علينا أن ننسى الخوف الذي أثارته، ونباشر في إعادة البناء.

    كل منكم سيتخذ اسما جديداً. وسيكون اسما مثدساً يختصر كل ما حلمتم بالصراع من أجله. وأنا اخترت اسم تحرر !

    لكن .. بعيداً عن هذا الإقتباس .. وجدت يا أحمد أن قيمة المرء في هذه الحياة .. لا تقتصر على وجوده كـ”إنسان” فقط ..
    لكن قيمته بما يفعل .. بما ينجز ..
    الإنسان الذي لا يضيف شيئاً للحياة .. ليس كمن يضيف لها !

    لكن وإن كنت أنا فعليا أدرس عمارة البيئة .. لكن أشعر بانفصال حياتي وذاتي عن هذا التخصص .. أنا لا أختزل في هذا التخصص ..
    أحب كل التعرفيات الذي يقدمونني الناس بها ..
    فعلياً .. قيمتي هي ما أفعل .. ما أقدم .. وما أنجز ..
    المشاعر والثقافة زي ما بيقولوا .. ما بتأكل عيش ..
    لها قيمتها في مجالها ..

    اسمي Ibrahim Majed = im = i’m
    Creative
    Nature
    Human
    Landscape Architect
    هذا هو الشعار الخاص بس الذي أعمل عليه الآن .. حققت فيه الذاتية .. وتركت المجال لإضافة أي شيء آخر ..

    تدوينة جميله 🙂

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *