غرفة الألعاب , في زيارة

قياسي

 

نظراتنا الميتة هي تلك التي جفت بها منابع الأمل, تلك التي لم تعد تؤمن بمستقبلها وإشراقته !

 

كان طفلاً عادياً, يتابع ذات البرامج التلفزيونية التي يتابعها أي طفلٍ آخر, يحب تلك السكريات التي يتناولها الجميع بنهم, يكره تلك اللحظات التي يضطر فيها لبعض الراحة من لعبه, وكثيراً ما كان يعود سريعاً إلى ركضه المرح.

كان طفلاً عادياً بمعنى الكلمة ؛ إلا أن البشر من حوله أفقدوه تلك الروح الطفولية التي يشعر إليها بالانتماء, سرقوا منه روحه الطفولية وضحكاته التي يراها وكأنها أحد واجباته كطفل ليدع جدران المكان ترددها من بعده في سرور. نعم لم يكن طفلاً بأعين الجميع, خصوصاً من اعتاد منهم متابعة تلك المؤشرات الصحية وآثارها المخطوطة بشيء من العجلة, أولئك الذين يتابعون شعراته المتساقطة بشيء من الحزن أو الشفقة.

 

خلف اسمها المرح تختبئ “غرفة الألعاب” في سوداوية الأحزان, فذابت من جدرانها ألوانها المبهجة, واختفت عن تلك الدمى روحها التي تجعلها مصدراً للابتسامة, وحلت مكانها روح باردة غريبة, روحٌ تحركها زفرات الضيق التي يكتمها كل بغرفة الألعاب .. من قسم الأورام السرطانية بأحد المستشفيات هنا.

ووسط تلك الظلمات والمشاعر السوداوية ؛ تشع أضواء من الأمل والحب والجمال, أضواء لها أهدافها الحياتية وتطلعاتها المستقبلية الخاصة, لها قصصها النقية المتشبعة بالصدق والابتسامة, أضواء تشع عن طفولة بريئة .. لا تكترث بشدةٍ لذلك الورم الخبيث !

 

وهذه الحقيقة التي أرجو تبنيها, صحيح بأن لهم حالاتهم الطبية الخاصة والتي تستدعي بدورها اهتماماً طبياً خاصاً, إلا أنني أرجو بألا يطغى هذا الجانب على غيره من جوانب الطفل المختلفة الأخرى.

لا تمحوروا حياة الطفل على دوره كمصاب بأحد الأمراض, لا تسلبوا منه بقيته .. حدثوه عن بعض القصص الجميلة, واسمعوا منه اهتماماته البسيطة والرائعة. لا تقتلوه وهو بينكم, وأحيوا منه طفولته فيكم, لا تقتلوا نظراتكم إليه, فنظراتهم لأنفسهم ما زالت تنبض بالحياة .. تشربت معاني الحب قديماً, ففاضت علينا منها أملاً !

رأي واحد حول “غرفة الألعاب , في زيارة

  1. لم تكن الشفقة يوماً .. سوى مشنقةٍ من ورد !

    مهما كانت بحسن نية .. إلا أنها تميته ألف مرة !

    هم منّا مهما حدث .

    سلمْت .. و سلم حرفك 🙂

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *