أنا والكتاب (٠١) ؛ القصة

قياسي

من ورقة لأخرى أتذكرك ؛ في كل كلمة أقرأ أحرفها، بعد كل سطر وقبل انتقالي للذي يليه، ويغمرني امتنان بينما أحشر كتابي بين أقرانه معلنًا انتهائي منه، وأنا أتابع مجموعها يتزايد باستمرار.

عندما كنت صغيرًا ؛ لم تكن المكتبة بالنسبة لي إلا مجرد أثاث لا يختلف عن أي دولاب آخر، حتى اليوم الذي جمعتني وأختي فيه أمي لتحكي لنا قصة اختلفت عما سبقها من القصص، فعادة القصص كانت قصيرة وليدة اللحظة ومرتجلة، لكن هذه كانت عن كتاب حمل اسم “قصص الأنبياء”. كانت قصة ذلك اليوم عن آدم عليه السلام، وبداية الإنسان. بعيدًا عن تفاصيل القصة وطرحها سؤال البداية في ذهني، أعتقد بأن تلك الفترة كانت الأولى التي أنظر فيها إلى المكتبة بشيء من الإعجاب، واعتقدت وقتها بعقليتي الطفولية أن القراءة هي الفارق الأول والأخير بين البالغين وغيرهم، واعتقدت بأن مقياس القيمة لكل كتاب تكمن في عدد صفحاته، وبأن أبي هو الأكثر علمًا بالبيت لأنه صاحب الكتاب الأكبر على الأرفف.

تجربتي مع القراءة وحتى العاشرة كانت مجرد وسيلة أخرى لتقضية الوقت، وكانت الوسيلة الأخيرة في القائمة، والتي لا ألجأ إليها إذا ما وجدت غيرها. وكانت كل الكتب التي أقرؤها مجرد قصص عالمية مختصرة ؛ “أوليڤر تويست“، “الفرسان الثلاثة“، وغيرها.

اشتريت أول كتاب خاص بي وأنا في العاشرة، حيث كان كل ما سبق من مكتبة أمي بالبيت، كان الكتاب الجديد عبارة عن عشرين قصة قصيرة، حملت عنوان “أذكياء القضاة”. أذكر بأنني اشتريتها من بازار في سوق حراء الدولي (في عام ١٤٢١هـ تقريبًا)، وأذكر بأنني أُعجبت بالقضاة، وأحببت اسم “إلياس” كناية عن إعجابي بالقاضي إياس، حتى أنني قمت بإعراب بعض القصص من الكتاب في أحد الإجازات الصيفية مع أمي. وبعدها بفترة انضم إلى كتبي الخاصة مجموعة جديدة لها نفس الأسلوب، مجرد قصص قصيرة ؛ “أذكياء الحكام”، “قصص في الرحمة”، “قصص في الشجاعة”.

المرحلة التالية كانت مع قصص الأستاذ نبيل فاروق والأستاذ أحمد توفيق، والتي حملت عنوان “روايات مصرية للجيب” ؛ “رجل المستحيل”، “فارس الأندلس”، “فنتازيا”، والتي كنت أستعيرها من خالتي “لنا عبدالجواد” كلما زرتها. وفي الصف الثالث المتوسط (في عام ١٤٢٥هـ تقريبًا) اقترح علي مدرس اللغة العربية، “الأستاذ طارق الرفاعي” بأن أقرأ رواية “الشاعر” للأديب “مصطفى لطفي المنفلوطي“، ففعلت .. وأتبعتها بكتابيه “في سبيل التاج” و”النظرات”. وأذكر بأن أبي اشترى لي وقتها مجموعة من الكتب حملت عنوان “عظماء الإسلام” ؛ وكانت ثمان كتب لكل واحد منها نحو الثلاثمئة صفحة. فقرأتها، وأتبعتها بقصص “هاري پوتر” للكاتبة البريطانية “جوان رولينج” .. ومن ثم توقفت عن القراءة !!

توقفت عن القراءة حول الخمس سنوات، وعدت بعام ٢٠١١. عودتي للقراءة هذه المرة كانت مختلفة عن سابقتها، عودتي كانت أقوى وبطريقة أعمق وأكثر فائدة .. ما تغير معي من الفترة الأولى للفترة هذه كان سبب القراءة.

(يتبع)

رابط يسجل عدد الكتب التي قرأتها منذ ٢٠١١ وعدد الصفحات

 

 

رأي واحد حول “أنا والكتاب (٠١) ؛ القصة

  1. Amal

    أنا أيضاً مررت بنفس تجربتك كانت القراءة بالنسبة لي شغف منذ الطفولة لكنها وما أن كبرت حتى تحولت إلى عادة يمكن أن تزول لتحل محلها عادات أخرى ، يحدث هذا عندما نفقد الشغف ، في فترة ما بحثت عن نفسي القديمة ووجدت الأشياء التي كنت شغوفة فيها هناك ، وكانت الكتب بإنتظاري .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *