خاطرة مبعثرة (٠١) – أريد أن أقرأ

قياسي

قال (ميخائيل نعيمة) يوماً : “عندما تصبح المكتبة ضرورة كالطاولة والسرير والكرسي والمطبخ, عندئذ فقط يمكن القول بأننا أصبحنا قوماً متحضرين”.

في أحد أيامي الجامعية, طلب مني أحدهم مرة بأن أقنعه بالقراءة ليقرأ, قد يبدو طلباً غريباً يطلبه بأن أشغل عقله بالقراءة لتدخل لحياته كعادة جديدة, وأتوقع بأنه تفاجأ بإجابتي التي كانت خلاف ما يبغي, فقد أخبرته بأن القراءة ليست ضرورة إذا لم يملك سبباً يقرأ لأجله.

في نظري ؛ حقيقة السؤال لكل قارئ لم تعد عن “ماذا” بقدر ما هي “لماذا”. وشخصياً لا أشترط لكل مثقف بأن يكون قارئاً نهماً يلتهم ببصره ما سقط في يديه من كتب, لا يتوقف عن قراءتها حتى تخور قواه فيسقط بجوارها متعباً, وبالرغم من أنني أحب القراءة وبأنني أعتبرها أكثر وسائل التعليم ملاءمة لي, ولكني أقول بأن القراءة ليست كل شيء.

أستطيع القول وعن تجربة شخصية بأنني توقفت عن القراءة لفترة تفوق العام, جلست فيها إلى كثير من الأساتذة الفضلاء, وتعلمت منهم الكثير جداً, حتى أنني آمنت بأن مجالستهم أفضل وسيلة تعليم على الإطلاق.

ما أشترطه حقيقة على المثقفين ليس بكثير ؛ أشترط بداية على كل إنسان يرجو التعلم بأن يصرح بعدم علمه بما لا يعرف, فلا أقبح في نظري من معلومة كاذبة أو غير موثوقة يحركهما سبب في مظهر لائق يرجوه صاحبه !

وأشترط أيضاً على كل مثقف بألا يتجاهل أسئلته التي تدور بخلده, فليس يصنع المثقفين غير الأسئلة التي تشغلهم, و الطرق الجديدة التي يبغون الوصول إليها ابتغاء حياة أفضل, فترى أسئلتهم تلتمهم ليل نهار, فيبحثون عن دليل لطريقهم في صفحات الكتب وعقول المفكرين, وكل ما يرجونه هو بداية الطريق إلى حقيقتهم المنشودة.

ابحث عن إجاباتك أينما التمست لها طريقاً, ابحث عنها بكل ما أوتيت من حيلة وقوة, وافهم كلماتٍ حفظتها عن (الإمام يوسف القرضاوي) يوماً, يقول فيها : “نحن لا نعرف الحق بالرجال, وإنما نعرف الحق ونعرف طريقه فنعرف له رجالاً بعد ذلك“.

ختاما ؛ قال (أ. صالح الطريقي) مرة : “أكبر إهانة يوجهها الإنسان لنفسه, إذ يصدق بأنه لا يستطيع التفكير, فيتنازل عن عقله لمصلحة آخر, فهو هنا أعلن بأنه أقل من أن يكون إنساناً”.


الصديق عبدالرحيم بخاري : @raheem_22

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *