٢٠١٣ | خواطر من #مصر (٢)

قياسي

خاطرة (٤) مصر الجديدة

“مصر الجديدة” هي إحدى المناطق حديثة العمران شمال القاهرة، تحتضن أفضل دور العرض والسينمات بمصر، وبعض أكبر المجمعات التجارية الحديثة، ذات الماركات العالمية. ساعة واحدة بين “مصر الجديدة” وأخرى في “وسط البلد” كفيلة بتبيين كمية التباين والطبقية في الشعب المصري. تنظر “مصر الجديدة” إلى “وسط البلد” بأنها مجرد منطقة عشوائية همجية، وترد عليها “وسط البلد” بنظرة ازدراء لأنها مجرد منطقة متكبرة لأنها حازت على بعض الأموال لفترة ما.

من ملاحظاتي في “مصر الجديدة” ؛ بأن عدد السياح الخليجيين هناك لا يُقارن أبدًا بعددهم في بقية المناطق الشعبية الأخرى، وأعتقد بأنه لم يُخرج بعض الخليجيين إلى غيرها من البلاد سياحة ولا ثقافة ولا غيره، فلم يتعرفوا أبدًا على شعب أو على طريقة حياتهم، ولم يتعرفوا على ثقافتهم ولا تاريخهم، واتخذوا من سفرهم هذا كما يتخذ الطفل ألعابه لا أكثر.

في سياحتكم ؛ تعرفوا أكثر على المدينة، على أناسها وأسلوبهم في معايشة أيامهم، وعلى التاريخ والثقافة هناك. انسوا أسلوبكم أنتم في الحياة، وتشبعوا بأساليب جديدة.

خاطرة (٥) محمد بك أبوالدهب

من أكثر الأسئلة التي كنت دائمًا أطرحها على نفسي، كانت عن سبب العاطفة العظيمة عند المصريين تجاه أراضيهم، وكيف كسبت بلادهم حب شعبها، واستعدادهم للتضحية لأجلها بما يملكونه.

بعد زيارتنا لجامع الأزهر الشريف، أخذتنا أقدامنا في الشعاب المحيطة بالجامع ؛ الأكشاك المتشرة الصغيرة، كبار السن الجلوس على أطراف الطريق، الأطفال التي تجري خلف بعضها. وعن طريق المصادفة، وبدافع الفضول، دخلت وأحد الأصدقاء إلى باب كان أحدهم قد خرج منه للتو، فقيل لنا بأن هذا هو “مجمع محمد بك أبوالدهب”.

محمد بك أبوالدهب هو أحد الأغنياء قديمًا ؛ أقام مجمعًا سكنيًا لطلاب العلم في جامع الأزهر الشريف، وكان ثمن إقامتهم هو تكافلهم ليبدو ذلك السكن صالحًا للحياة ؛ فهذا يجب لهم الماء، وذاك يكنس الردهات، وأخير يساعد في إعداد الطعام. وعلى طرف المجمع السكني أقام مسجدًا، لكنه لا يُستعمل حاليًا للصلاة، لوجود بعض المساجد القريبة منه. وأخيرًا يضم المجمع قاعة، يُقام فيها عرض شعبي (عرض التنورة) في كل سبت واثنين وخميس .. أنصح بحضورها.

بالعموم ؛ أعتقد بأن الاهتمام بالآثار التاريخية لها صلة كبيرة بحب الشعب لوطنه وأرضه، فهي تذكره على الدوام بأنه صاحب تاريخ كان عظيمًا، وتذكره بهذا بأكثر الوسائل إقناعًا، وهي معايشة ذلك التاريخ، بأن تركت له آثارًا يعيش معها .. لا تتخلوا عن تاريخكم، بهدمكم آثاره عندكم.

قبل خروجنا من مجمع محمد بك أبوالدهب، سألت الدليل هناك، عن شعوره عندما يزور نفس المكان، أكثر من مرة بكل يوم، أخبرني بأن ملامح الدهشة في من يدلهم تحمّسه لأن يعيد الزيارة مع آخرين، أخبرني بأني يحب عمله هذا، ولا يتخيل نفسه في غيره.

خاطرة (٦) ضحكة

من أكثر ما أعجبني في الشعب المصري، هو سخريته من واقعه بطريقة مبكية.

أعتقد بأنه لا تسعى الجماهير إلى التغيير إلا إذا ما أحست واقعها مثيرًا للضحك والبكاء في نفس الوقت. وهذا ما حدث مصر، وما كنا نشاهده من وسط ميدان التحرير في ثورة ٢٥ يناير ؛ اللافتات التي تحمل تعبيرات مضحكة، وتسخر بشكل أو بآخر من الواقع الذي يعيشونه.

لن تستطيع السير نحو مستقبلك وإنت تترنح حزنًا، أو جامد بلا مزحة تلون كلماتك .. كن ضحوكًا، تكن أنجح الناس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *