(3)
“الحمدلله على نعمة الأمن والأمان”
هذه عبارة كان وليد ولازال يسمعها بشكل مستمر، يصف بها جلّ أفراد المجتمع بلادهم. لكنه يمسك مجلة أو صحيفة فيقرأ “كل يوم” عن جرائم سرقة وقتل واغتصاب. الرعب يطوّق الأهالي من كل ناحية، يخافون على أطفالهم الخروج من البيت في ساعات متأخرة. متناقضون، لا يملّوا من ترديد عبارة الأمن والأمان السابق ذكرها. وفيما يخص تسلط الحاكم والمسؤولين فحدّث ولا حرج، في أحد الأيام قرر مسؤول أن ينهب أموال الشعب، شاور الحاكم أولا، ثم أصدر الحاكم أوامره بطرد المواطنين وهدم منازلهم “دون رضاهم” وتعويضهم بمقابل مادي بخس، بحجة تنفيذ بعض المشاريع التي دمّروا بسببها الكثير من الآثار التاريخية، وكما قال أحدهم: “أمة بلا تاريخ هي أمة بلا مستقبل”، ناهيك عن اقتطاع الأراضي و(تشبيكها) وادّعاء تملكها بغير وجه حق. كل هذا ولازال الشعب المستعبد برضاه يردد: “أمن وأمان” و “الله لا يغير علينا”. ومع بداية العقد الثالث من عمره، ذهب وليد في رحلة اسكشافية للولايات المتحدة. استضافته إحدى الأسر هناك وأكرمته، العجيب أن صاحب المنزل أخبره بأن أبواب منزله لم تغلق بالأقفال منذ ٤٥ عاما لأن المنطقة آمنة. هل تعلمون كيف يحضر الأمان في منطقة؟؟ عندما يكون هناك قانون أولا، ويطبّق على الجميع بمساواة ودون تحيّز ثانيا. فما بالكم ببلاد لا يطبق القانون فيها، بل ليس هنالك قانون يستند إليه أصحاب الحقوق؟؟ الحقوق في بلاد الفتن تلك ضائعة، لا عدل ولا مساواة. الفئة الحاكمة تستبد وتسكن القصور، تستعبد البعض وتغنيهم، وتحرم الباقين من أبسط حقوقهم، تحرمهم حتى من منازل تؤيهم.
كلما تقدم بوليد العمر، كلما ازدادت المحن التي يواجهها هو وشعب بلاده. يستاء في كل مرة يغتصب فيها حق أحدهم. يحيط به الكثير ممن لا دخل لهم، ويعرف الكثير ممن خارت قواهم وفقدوا عقولهم ووضعوا حدا لحياتهم. لكن يوما تلو الآخر، يزداد إيمانه بأن نهاية الظالم اقتربت، بأن الحرية ستسود، وبأن العدل سيطغى. بهذه الروح وهذا التفاؤل يقضي وليد أيامه، وعلى طموحه وحلمه بوطن كريم يبادله المحبة يقتات.
(الخاتمة)
—
كتب هذه التدوينة ؛ الصديق “عبدالرحيم بخاري” @raheem_22