ليس الموت ما أخشاه، بل خواءُ الحياة.
أحجب عن الدهر نشوات قلبي، لئلا تفرغ الأيام من رضاه.
وشياطينٌ تصرخ نكاية؛ أن صراعك مضمحل لا محالة.
لن يحدث شيء بعد الآن، ولن يأتي الربيع.
كثيرةٌ، هي الأزهار، التي أطفأتها الشمس.
فاحمِ آمالك، خلف ظلالك، وإن حار الوجع في تكسّراته.
إنني أفنى فناء هادئًا رخوًا، كموجٍ متخبط يوم صحوٍ في سباته.
أو نسيمٍ ناعسٍ، بَعض ليالٍ، كلّما همس بثمالة حكاياته؛
عن بريءٍ، تعيسٍ، نُسي في صحراء شقائه.
باسما للخطوب، متكلّفًا، إذ ما التقى، عاريًا، الإعصار من أنوائه.
عن نجواه في المقبرة، متضرعًا،
بترنمات حاسدٍ، أو نشيد قدسي في إيحائه.
فتراقص، على أشلاء روحه، مارد بأغنيته:
لن يحدث شيء بعد الآن، ولن يأتي الربيع.
في مدن بلا وزنٍ،
في تقلبات ساعة الزمن،
أو حين ظمئٍ يحرّكه سراب.
يجدك الخوف متقطعًا، مما كان يشدك إلى ثنايا ذاتك.
لم ترتجف كفك لغير تعتيق ذكراها، أو من فرط التعوّد على عذاباتك.
فما أنت فاعلٌ، صارحني، بما نقش في ذكراك، إذا ما انتهى كل شيء؟
وما حيلتك بالخريف، إن هي، فاحت بارودًا ورمادًا، قبلاتك؟
وما استَوْطنت، إذا ما حييت تيهًا، ولك في ثغرك ابتسامة ضائعة؟
لن يحدث شيء بعد الآن، ولن يأتي الربيع.
على نصل المقصلة لك سبع خطوات، ومعنىً ينتحر في آخر القافية.
وتحت المشنقة لك ألف نظرة، وهوة تسحُق مع توالد كلماتك.
هكذا، عدمًا، يُجيء بك تدفن بيض أمانيك.
هكذا، عدمًا، تشييع رؤى حيواتك.
لن يحدث شيء بعد الآن، ولن يأتي الربيع.
فآلف بين حريتك، وسجنها، تُقم مملكة، قبلما تتبدد ادعاءً.
وأدمِ بنغماتك كل موطن للحنين، فلربما ارتمى البحر في جنباتك.
واسخر، بما أوتيت من مخيّلة، كي لا تذبل لك صلاة.
فلا أرى، الآن، في الجموع سوى فراغًا،
كان على أحدنا أن يغرس بالتربة أنامله،
كان على أحدنا أن يُنبت بيننا حلمًا،
أو شجيرة يافعة تزهر بعد ذلك شهرًا،
أو يأتي الربيع!
🙁