الشر المطلق كاختيار

قياسي

 

 

سمعت صغيراً بأن تسمية “الإنسان” بهذا الاسم كانت عن طبيعته الآنسة بمن حوله، وعن صعوبة حياته وحيداً. وشخصياً ؛ لا أعرف سبب هذه التسمية ولم يشدني البحث فيها، لا أعرف إن كانت لطبيعته الآنسة بغيره أو لسبب آخر كعادة النسيان فيه كما يقول البعض الآخر، إلا أنني متأكد تماماً من صعوبة الحياة وحيداً لفترة طويلة.

بداية ؛ أنا أؤمن بحاجة الإنسان لخلوة يقضيها من فترة لأخرى بعيداً عمن حوله، فذاك يعيد للروح نقاوتها، ويبدد عن سمائنا سحب همومها، ويعيد ترتيب الأفكار فينا، فيرجعنا إلى يومنا بذهن أصفيً وبأفكار أشد وضوحاً. إلا أنني أتعجب ممن يختار الوحدة كأسلوب حياة يعيشها، فيبعد عن سمائه كل من يقف تحتها، ولا يرسم أحدهم في حياته ولا يضع غيره أولوية لأيامه .. أتعجب ممن يختار الوحدة باختياره للأنانية كصفة يعيشها !

قرأت مرة للمفكر (علي شريعتي) كلمات قال فيهن : “الشر المطلق هو أن يقدم الإنسان مصلحته ومنفعته الشخصية على المنفعة العامة ومصلحة الآخرين”*. وشخصياً ؛ أؤمن بصوابية كبيرة في كلماته هذه، وأضيف عليها نكهة أخرى بتعريفي للأنا وللآخرين ؛ بأنني لا أحصر كلما (الأنا) في ذات الإنسان وحدها، وإنما أجعلها جامعة لكل ما يميل إليه الإنسان ويشعر ناحيته بانتماء يشده، سواءً أكان أرضاً أو دم أو قبيلة، أو حتى مدرسة فكرية أو مؤسسة عقدية ..إلخ

لا أرى عيباً في الانتماءات بمختلف أشكالها، بل إنني أعدها حاجة إنسانية، ومن حق كل إنسان اختياره لوقع أيامه وتفاصيل سيرها، ويحق له تحديد انتماءاته وأشكال حياته، ولكن لا تضيق إنسانيتك لتحشرها في تلك الدائرة التي تختارها، لا تلون أخلاقك ومبادئك من داخل الدائرة لخارجها، ولا ترسم لدائرتك حدوداً غليظة تغض بها عينيك عمن حولها.

أكره ما تنتجه العصبيات من عمىً عمن يرسم دوائره خارج دوائرنا، أكره ما تجعله فينا من تجاهل لأرواح الآخرين وتغابٍ عن مشاعرهم، وأكره تلك النظرة التي لا تفرغ الآخرين عن معانيهم وقصصهم التي لا نعرفها.

اجعل لنفسك دائرةً لطيفة المعشر، ارسمها بمختلف الأوان، اجعل لها حدوداً أنيقة تتفاخر بها، وانظر لدوائر الآخرين علك تضيف إلى دائرتك شيئاً من غيرها، “فنحن لا نعرف الحق بالرجال، وإنما نعرف الحق فنعرف له رجالاً” كما يقول الدكتور (يوسف القرضاوي) .. عامل كل الناس بما تفتضي إنسانيتك، عامل كل الناس بكل معاني الإنسانية.

(*) كتاب “النباهة والاستحمار”

رأي واحد حول “الشر المطلق كاختيار

  1. موضوع مهم ومعقد في نفس الوقت

    شخصيا انظر له من ناحية مختلفة

    العبارة المشهورة لديكارت: انا افكر اذا انا موجود اتت بعد ما كان يريد ان يتعرف على حقيقة الامور وشك في كل شيء

    وافترض بما انه يفكر اذن هو موجود اي هو ليس سراب او حلما او غير حقيقة او اي شيء اخر قد يكون !

    ومن هذا المنطلق

    الشخص الذي يميل الى الوحدة لا يثق ويشك في كل شيء حوله

    اذن ربما
    الوحيد لا يعتقد ان الكون يدور حوله بل انما يتسأل هل الكون موجود اصلا ؟

    انا اعلم انا هذا قد يكون كلاما ضربا بالجنون لكنه يلتمس الواقع بطريقة ما

    —-
    اما بالنسبة للانانية
    فكلنا انانيون
    وكلنا نفعل الاشياء لانها تريحنا
    حتى الصدقات والاعمال التطوعية نحن نفعلها لانها تعطينا احساسا جيد وليس من اجل خدمة المجتمع
    وان افترضا انه لخدمة المجتمع نحن نخدم المجتمع لان ذلك يعطينا شعورا جيدا
    واذا عاملنا احدا بطريقة حسنة ايضا يعود لنفس السبب وقس ذلك على كل شيء

    اذن
    لماذا هناك اشخاص يجدون راحتهم في خدمة المجتمع واخرون يفسدون المجتمع
    هذا يعود لمفهومهم للحياة ولتفسيرهم لسبب وجودهم فيها

    تحياتي
    سامي

اترك رداً على سامي طارق إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *