نظرة أخيرة على المنزل

قياسي

كانت حال أسرته الفقيرة دافعه في مبادرته لتوسيع دائرة البحث عن لقمة العيش, لن ينسى ابتسامة أبيه المترددة, وارتماءت أخته الصغرى في حضنه متأسفة, أو تبريكات أمه ودعواتها .. والنظرة الأخيرة على منزله الذي بدأ بالتلاشي من عينيه شيئاً فشيئاً, وهو يبتعد أكثر وأكثر.

قد يرى أحدنا نفسه في موقف مشابه لما أقصّ هنا, فقد كثُرت بيننا اغتراباتنا ذات الألوان الأكاديمية غالباً, قد نعتقد بتفهمنا لمشاعر الاغتراب والمتغربين .. ويعتقد البعض من حولينا بسخافة مشاعرنا الاغترابية.

صعب جداً .. أن تعيش مثقلاً بآمال من تحب, أن تملأ نفسك بهواجس الفشل وتخيلات لحظاتها, أن تكون تحركاتك القادمة منبع أمل للمقربين من قلبك .. والكثير من المشاعر الصعبة التي قد يكون من السخف محاولتي لوصفها أو تخيلها, لأنني -ولله الحمد- لم أعشها يوماً ولم أقس صعوبتها.

 

لننظر إليهم بنظرات أكثر إنسانية مما نفعل حالياً, لنقطع مشاعر الامتهان والاحتقار .. بضحكة وابتسامة وبصناعتنا للذكريات السعيدة بيننا, ولنسعى لتقليص الفراغات التي صنعتها غربتهم بدواخلهم .. ولننظر للعمالة من حولنا بشكل أفضل مما ننظر حالياً ..!

مقالة قديمة كتبتها بتاريخ 15 ذو الحجة 1432هـ

رأي واحد حول “نظرة أخيرة على المنزل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *